Poems

أحزان المدينة السوداء

محمد مفتاح الفيتوري
على طرقات المدينهْ
إذا الليل عَـرّشها بالعروقْ
ورشَ عليها أساه العميقْ
تراها مطأطئة في سكينهْ
محدّقة في الشقوقْ
فتحسبها مستكينة
ولكنها في حريق !
على طرقات المدينهْ
وحين يشيد الظلام
تماثيله المرمريه
ويهدمها في عقوقْ
وتهبط بالكائنات
سلالمه اللولبيهْ
لماض سحيق ، سحيقْ
وتغرق في الذكريات
سواحله العنبريه
وتوشك ألا تفيق
وينهض في كل ذاتٍ جدار
من الطين ، والماس ، والشهوات
وينعس ليلٌ ، ويصحو نهار
يصف القناديل للظلمات
هناك تجف دماء السكينة
جفاف القبورْ
ويصبح قلب المدينه
كشيء حقير
كمدفأة في الهجير
كمسرجة في طريق الضرير
كأفريقيا في ظلام العصور
عجوز ملفـّعة بالبخور
وحفرة نارٍ عظيمه
ومنقار بومه
وقرن بهيمه
وتعويذة من صلاة قديمه
وليل كثير المرايا
ورقصة سود عرايا
يغنون في فرح أسود
وغيبوبة من خطايا
تؤرقها شهوة السيد
وسفنٌ معبأةٌ بالجواري الحسان
وبالمسك ، والعاج ، والزعفران
هدايا بلا مهرجان
تسيرها الريح في كل آن
لأبيض هذا الزمان
لسيد كل زمان
وتمتدّ مزرعة في خيال الوجود
ستكسو عراة ، وتعرى عراة
وتجري كآباتها في عروق الحياة
وتصبغ لون المياه
وتصبغ وجه الإله
وتضحك أحزانها في الشفاه
وتنبت حتى الطغاه
وحتى العبيد
وحتى الحديد
وحتى القيود
وتُنبت في كل يوم جديد
ولكنهم حين يبني الظلام
على طرقات المدينة
حواجز من حجر أسود
يمدون أيديهم في سكينه
الى شُرُفات الغد
وهم صرخات سجينه
بأرضٍ سجينه
وأيامهم ذكريات طعينه
لأرض طعينه
وأوجههم كالأكفّ ، حزينه
تراها مطأطئة في سكينه
محدّقة في الشقوقْ
فتحسبها مستكينة
ولكنها في حريق !